مُقدِّمة:

قال عـنه الروائي جبرا إبراهيم جبرا: “عبد الرحيم محمود هو الشاعر الفارس الأول في شعـرنا المعاصر، الذي اتبع القول بالفعل”. وقالت عـنه الشاعـرة فدوى طوقان: “صوت شعر عـبد الرحيم محمود هو صوت الشعب الفلسطيني، بكل ما فيه من قوة وأصالة، وتدفق وحرارة، وكان يحمل في داخله ضمير الشاعر الملتزم”. وكتب عنه الشاعر عـبد الكريم الكرمي (أبو سلمى): “كان عـبد الرحيممحمود أبرّ فـتى لأقـدس أم. حمل جروحها بين جنبيه… وأشرق أصباحها في شِعره، وتلوّنت أغانيه بألوان المروج”. وقال عنه أبوسلمى أيضا:  كان عبد الرحيم محمود يؤمن بالشعب وحده، هذا الشعب العظيم، أما (الزعامات) الجائرة، فكان كافرا بها، لأنها تضلل الأمة. وقال محمود درويش: “نحن امتداد لشعر أبي سلمى وإبراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود. وقال عنه هارون هاشم رشيدعبد الرحيم محمود نبراس مضيء في الطريق إلى الحق، ذلك الإيمان النابع من عقيدة أبدية راسخة”.

وُلد الشاعر الفلسطيني الكبير عـبد الرحيم محمود في قرية عَـنَـبْـتا، في محافظة طولكَرِم، في شمال الضفة الغربية المحتلة. كان ذلك في عام 1913، ولا تشير أي من المصادر إلى اليوم الذي ولد فـيه، ولا حتى في كتاب الراحل عـز الدين المناصرة (عبد الرحيم محمود – الأعمال الكاملة) الذي تطلب عملاً استمرّ لأربع سنوات قام فيها المناصرة بزيارة عدد من الدول العربية بحثاً عن قصائد ومقالات لعبد الرحيم محمود لم يكن قد سبق نشرها، وهو الكتاب الذي يُعتبر منذ صدوره  لأول مرة في 1988، في دمشق، عن دار الجليل للنشر والتوزيع، المرجع الأكثر شمولية ومصداقية عن أعمال الشاعـر الشهيد، دون التعمق في سرد حياته. أما استـشهاده فكان في الثالث عشر من شهر تموز/ يوليو 1948 في معـركة الشجرة الثالثة التي بدأت في 8 يوليو وانتهت في 15 يوليو بسقوط قرية الشجرة نهائيا في يد القوات الصهيونية التابعة لعصابة هاغانا. وكانت قرية الشجرة (قرب الناصرة، شمالي فلسطين) قد سقطت لأول مرة في يد قوات هاغَـانا في 6 أيار/ مايو 1948، ثم استردتها قوات المجاهدين التابعين لجيش الإنقاذ في المعركة الثانية التي انتهت في 11 حزيران/ يونيو 1948. ومع عبد الرحيم محمود سقط ما مجموعه نحو 700 مجاهد فلسطيني في المعارك الثلاث دفاعا عن قرية الشجرة.