fdf

الدكتور ضياء خضير 

     لا يمكن أن يستكمل الحديث عن محمد خضير قاصًا مؤثرًا في تطور القصة العراقية والعربية الحديثة دون الحديث عن آرائه في هذه القصة، ونظرته لما يجب أن تنطوي عليه من تقنيات رمزية وأسطورية وأساليب سردية مبتكرة. وكتبه مثل (الحكاية الجديدة ، دار أزمنة عمان 1995)، و(السرد والكتاب (مقالات) – دار الصدى، دبي ٢٠١٠)، و(الرجل والفسيل (مقالات) – مطبعة بلورة الجنوب، البصرة ٢٠١٢) وغيرها، تأكيد على هذا الاهتمام الخاص بالقصة القصيرة نوعا أدبيا له كيانه وحدوده واشتراطاته الخاصة التي لا ينبغي أن تختلط مع غيرها من أنواع سردية أخرى كالرواية، حيث اعتدنا أن نرى كثيرا من الساردين في هذا العصر يتركون القصة لصالح هذه الرواية.

 ولعل ميزة كتاب (حدائق الوجوه، (قصص)، دار المدى، دمشق، 2008)، الذي سنركز الحديث عليه هنا، أنه من كتب محمد خضير النادرة التي تجمع بين القصة والسيرة الثقافية، التي يمكن أن نتلمس فيها جانبًا من مصادر التأثير الأساسية في ثقافة محمد خضير وقصته القصيرة، المختلفة عن كل ما كتب من سرد قصير في العراق وغير العراق؛ فضلًا عما انطوى عليه هذا الكتاب من قصص قصيرة تشي بنفسها  بهذا النوع من التأثر والعلاقة مع بعض أساطين هذا النوع، والمبدعين من أصحابه وأصحاب حدائق الوجوه الموجودين بالكتاب بشكل عام.

وحين أهديت نسخة إلكترونية من كتابي (نجوم منطفئة في سماء ذاكرة الغريب) لمحمد خضير، كتبتُ له ما يلي: 

      “لا أدري، أخي محمد، لماذا أجد شيئا من التشابه بين كتابك حدائق الوجوه (الذي قرأته في نسخة إلكترونية هذه الأيام) وكتابي هذا الذي أهديك هنا نسخة الكترونية منه قبل صدور نسخته الورقية عن اتحاد الأدباء في بغداد قريبا. نعم، ألمح شيئا من هذا التشابه، مع معرفتي بالاختلاف الأساسي الذي يجعل من كتابي هذا نوعا من نسخة مظهّرة بالأبيض والأسود من النسخة النجتف لكتابك (لا بالمعنى السالب، بل بالمعنى غير المباشر الذي تمتلك فيها الكاميرا المركبة في رأس بستانيّك عينَ الطائر الذي يحلق عاليا ليرى كل شيء قبل أن ينقضّ على هدفه – المعنى المتخفي بين حدائقك الغُلب الملتفة على بعضها، أو يراه من بعيد تحت سطح ماء البحر أو الهور القريب)، على الرغم من اختلاف الموضوع والشخصيات المكتوب عنها في الكتابين ؛ هذا إذا جاز لي أصلا المقارنة بين كتابين يغوص الأول منهما في الأعماق بحثا عن فهم آخر للحياة الداخلية للبشر عبر قراءة بعض من رموزهم وعلاماتهم البارزة والمتميزة قراءة أخرى، وما يتصل بذلك من بيان وتبيين يقعان وراء الصور وتعبيرات الوجوه وثمار حدائقها النيئة والناضجة كما تتبدى في الإشارات والإيماءات والرسوم والقصص والمقولات والحكم القديمة والحديثة، وآخر يكتفي بالمعطيات المباشرة للتجربة ..”

اضغط هنا لمتابعة القراءة