مخطوط رحلة عمر بطون من آبلة إلى  مكة (1491-1495)

تقديم:

كتاب “من آبلة إلى مكة: حكاية رحلة عمر بطون”[1] هو أول ترجمة عربيّة لمخطوطة تروي رحلة حج قام بها مسلمان مدجّنان[2]، هما عمر بَطون ورفيقه محمد دِلْ كُرَّال اللذان خرجا من مدينة آبلة بأسبانيا إلى مكة المكرمة في رحلة استغرقت أكثر من أربعة أعوام، من عام 1491م/896هـ حتى عام 1495م/900هـ.

يضم الكتاب نص رحلة القشتالي عمر بطون مترجماً إلى الأسبانية، لأن النصّ الأصلي للمخطوطة مكتوب بالألخميادو  [3](Aljamiado)أي الأسبانية المكتوبة بحروف عربية. كما يضم دراسة قام بها فريق من الباحثين الأسبان من جامعة بلد الوليد ويتألف من: شَبِيا كَزاسَس كَنَلْس، أولاتْث بِيّانْويبا ثوبْياثارّيتا، سيرافين دي تابْياس سانتشيث، خابيير خيمينِث غادَيا، آنا أتشْيبارِيّا أرْسواغا[4]

وقد صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب بالأسبانية عن منشورات جامعة بلد الوليد (بايّادوليد) عام 2017. 

لمحة عن المخطوطة وأهميتها:

تروي المخطوطة رحلة الحج التي قام بها كلّ من عمر بطون ومحمد دِل كُرّال في خريف عام 1491 من مدينة آبلة إلى مكّة المكرّمة، بيد أن تعقيدات الرحلة ومشاقها أدت بالقشتالييْن الى الضياع لأكثر من أربعة أعوام عاشا في أثنائها تجارب استثنائية فريدة عبر تنقلهما ما بين تونس والقدس والقاهرة وسيناء والإسكندرية وصنعاء وجدة، مروراً باليونان وتركيا، قبل الوصول في نهاية المطاف إلى مكّة المكرّمة. بهذا المعنى فإن المخطوطة لا تقتصر على رحلة عمر بطون فحسب بل تتضمن توثيقاً لظروف الرحلة ومصاعبها وأخبار بطلها الذي هو شخصية حقيقية من مدينة آبلة بأسبانيا.

أما بشأن تدوين تفاصيل هذه الرحلة وأصل المخطوطة فمن المحتمل أن يكون الحاجّان قد قصّا مغامراتهما إثر عودتهما إلى أسبانيا على بعضٍ من أبناء طائفتهما من المسلمين، وقد قام أحد هؤلاء بتدوين رواية عمر بطون بالكتابة الأعجمية. وهذا ما يفسّر لنا مسألة العثور على المخطوطة بين كتب أحد فقهاء بلدة ترويل (Truel) في مدينة كالاندا(Calanda) التابعة لإقليم أراغون، وهي اليوم محفوظة في مكتبة برلمان إقليم أراغون.


 [1] صدرت ترجمتي العربية لكتاب “من آبلة إلى مكة: حكاية رحلة عمر بطون 1491-1495″، عن مؤسسة دارة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية ضمن منشوراتها عن رحلات الحج.

De Ávila a la Meca: el relato del viaje de Omar Patón (1491-1495)

وقد تفضل بالمراجعة التاريخية الدكتور صالح السنيدي، وهنا تجدون مقدمة الكتاب. 

وقد نشرت أيضاً في العدد الثالث/ عام 2022 من مجلة المورد العراقية -الفصلية المحكمة – بدعوة كريمة من الدكتور الفاضل قصي الحسيني للمشاركة في ملف (الموريسكيون).

[2]  المدجّنون هم المسلمون الذين عاشوا في ظل الممالك المسيحية وواصلوا بنحو أو آخر ممارسة شعائرهم الدينية قبل سقوط غرناطة، آخر معاقل المسلمين، عام 1492على أيدي الملكين الكاثوليكيين، إيزابيلا ملكة قشتالة وفرديناند ملك أراغون. (المترجمة)

[3] أي الأعجمية أو العجمية. الأعجمية بالمعنى العام هي أي لغة غير عربية مكتوبة بحروف عربية، أما في تراث الأندلس فهي تشير إلى الأسبانية أو البرتغالية أو المستعربية المرسومة بالحروف العربية التي استخدمها المسلمون  المدجنون والموريسكيون في أعقاب إرغامهم على التنصير من قبل محاكم التفتيش. وقد لجأوا إلى هذا الإجراء سعياً للحفاظ على المتبقي من هويتهم العربية والإسلامية بوصفها آخر ما تبقى لهم من لغة القرآن، ولإخفاء مضامين مؤلفاتهم (الدينية على وجه الخصوص) عن محاكم التفتيش. (المترجمة)

[4] Javier Casassas Canals, Olatz Villanueva Zubizarreta, Serafín De Tapia Sánchez, Javier Jiménez Gadea, Ana Echevarría Arsuaga.

اضغط هنا لمتابعة القراءة