شعلان الأحوازي

المدخل

إن قضية التعليم في الأحواز قضية لها خصوصيتها المتفردة، لأن التعليم بغير اللغة الأم، بالنسبة لعرب الأحواز، هي تجربة مبكرة تدخلهم إلى عالم التصادم، التصادم مع لغة لم يتعرفوا عليها في عالم طفولتهم، بل جاءت أجنبية كل الأجنبية عنهم. ولذلك فإن الأحوازي، بفعل هذا العامل الجد مبكر، يلفي نفسه أمام تعامل مع قضية لا يفهمها إلا على حالة تيه وغرابة شديدين. إن الطفل العربي الأحوازي، ومعه أمه وأهله، إلى قُبيل سنين قريبة، ظل بعيدا كل البعد عن تجربة الحياة مع لغة هي غير لغته، ما جعله يتراجع أمامها ويخفض نشاطه فيها لجهله بها.

وقبل البدء بالغور في تشعبات هذا الواقع، فلا بد من قول وجيز حول مكانة اللغة في الفاعلية البشرية، والوجود البشري برمته. إن اللغة عند الدراسات الاجتماعية الإنسانية اليوم، تحولت من مجرد أداة يتواصل بها البشر، ويجعلها آلة في طوعه خاضعة له، إلى إطار فكري، وقناة تتحصل بها المعرفة؛ بل أكثر من هذا تحولت اللغة إلى القنطرة المتحكمة بالفهم البشري، وأنها هي من تحدد مساحة الفهم، وتعين نوعية المعرفة التي يخزنها الفرد البشري في بطون دماغه. وبذلك تكون اللغة هي المحمل الذي يضم في طياته الأفكار والرؤى وجميع صور الحياة المعنوية البشرية[1].


[1] Noam Chomsky, Language and Thought, Moyer Bell, 1997.