د ياسين جبار الدليمي

العولمة هاجس العصر وارتهان التطور الإنساني كاشتراط للعولمة وبنهاياتها ينتهي العالم، والإنسان العربي بات وأصبح محكوماً بثقافة السوق السياسي وبثنائية الأنظمة الفكرية والسياسية تفكر نيابة عنه وهي الوصّية بالممارسة :

 أي شيء يقرأ ويطلع ، وبماذا يجب أن يفكر فأصبح العربي مسلوباً في ممارسة حقه في الاطلاع والسياسة ناهيك عن الإرتهان النيابي في عملية ممارسة الحكم ، فهناك من ينوب عنه قسراً بالعمر المديد وبالتوريث وكأن الإنسان العربي محكوماً بالقيمومة السياسية فأصبح مسلوباً لإرادته مغيباً بعقله ووجدانه ، فتعطل الفعل العربي عطاءً ومقدرة لينعكس على النخب الحاكمة المتخندقة بقطريتها العاجزة عن الدفاع عن مخادع نومها المحددة باشتراطات تكوينها النظري .

واليوم أتت العولمة ومفاهيمها وأطوار تشكيلها ونحن في سبات بل برقود ثقيل الهم تتحكم بيومنا وليلنا فضائيات الإباحة والإعلان التسويقي لسلع يرُاد لها ترويجاً ، او منظومة الاتصالات الفضائية الخادمة لأهداف ومتطلبات الأمن والحماية .

إن أطوار العولمة وظهورها قد أرتبطت أولاً بالاقتصاد ورأس المال ومن ثم بالفكر الاقتصادي عبر إقتصاديات السوق والتجارة الحرة العولمة هنا عابرة للحدود السيادية للدول وتترسخ العولمة أكثر بإعتناقها سياسياً عبر خارطة الجيوسياسية

فسياسة الجغرافية مرهونة بسلطتها ومرهونة بسد الفجوات الاقتصادية وملئ الفراغات السياسية بما يسمى بالديمقراطية الناهلة من نبع العولمة على قاعدة نظرية الارتكاز الاقتصادي رأسمالياً، واليوم تطرح عولمة الثقافة وتحديداً على الوطن العربي عبر مسارات إصلاح النظم التربوية والتعليمية.

وإعادة كتابة المناهج الدراسية وتأطيرها بما يخدم لتأسيس مرتكزات سياسية وتعليمية منتجة لأجيال لا تتقاطع روحياً وسلوكياً مع عالم العولمة وخلق مناخات قابلة وحاضنة لمتواليات عددية من كلمة نعم للسيد ((العم سام)) المبشر بالعولمة والقبول بالكيان الصهيوني وجوداً في فلسطين العربية كقائد لمنظومة العمل السياسي والاقتصادي في خارطة الشرق الأوسط الجديداو الكبير وصولاً الى مرحلة الدمج العالمي بدولة الأمومة العالمية متمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية المتسيدة أحادياً في عالمنا المعاصر سعّياً ليكون هذا القرن قرناً أمريكياً بإمتياز سياسي واقتصادي وثقافي ونظم سياسية تكافلية بمهام وظيفية .

فدولة الأمومة يتسع فضائها لكل الكرة الأرضية عبر ثلاث دوائر :

1- الدائرة المالية الواحدة برأسمال وسوق وبورصة عالمية واحدة .

2- الدائرة الإعلامية والاتصالات من خلال الاستخدام الأمثل لتقنية ثورة الاتصالات واستخدام الأقمار الصناعية عبر البث المرئي والمسموع والهاتف المحمول (( النقال )) .

3- الدائرة المعلوماتية عبر شبكة المعلوماتية (الانترنيت) المتجاوز لكل الحدود يتحول العالم الى قرية صغيرة .

فالعولمة مبشرة لميلاد نظام عالمي جديد عبر دمج مبرمج بين مكونات الدائرة الإعلامية والمعلوماتية من خلال التوحد بين العرض والطلب وهذه النخب العارضة والصانعة للمعلومات والإخبار والجمهور المتلقي لها ، فيهما يتوالد أثر وتأثير يقودان الى توحيد الوعي والقيم وطرائق السلوك وأنماط الإنتاج والاستهلاك

إنّ عوائق هذا الاندماج لم تزل كثيرة مكانياً عبر الجغرافية وزمانياً عبر المجتمعات الإنسانية  وتشكل رأي عام مروض بل ومدجن . لآن إشتراطات التكوين لهذه المجتمعات لم تزل محركة بحركة تاريخية ذات حصيلة تاريخية جوهرها هذا التكوين ، فلا يمكن إلغاء شروط الفعل الإنساني وطبيعة العلاقة التكوينية الرابطة للوجود الإنساني عبر الكيانات القومية تفاعلاً وتأثيراً متبادلاً دونماً إغفال للعوامل الذاتية التابعة للإرادة والوعي داخل التكوين القومي .

فإذا كانت العولمة تعني لنا نحن العرب إنها ستقدم لنا فرصة في الحرية والانعتاق من فقرنا نحو عالم منتج بشيوع العدالة الاجتماعية وبانعكاساتها الايجابية بتشكيل دولة العرب الواحدة تكون مثرية للبشرية فعلاً وتفاعلاً فلا مانع من العولمة !! إما إذا كانت العولمة تعني الهيمنة الاقتصادية والسياسية والثقافية على مقدرات العرب وتفكيك المجتمعات العربية وطمس لثقافتنا ومحو هويتنا فلا خير في هكذا عولمة … !

والسؤال المطروح تقليديا ًهل العرب قادرون على مواجهة العولمة ؟

وهل لدى العرب القدرة على بلورة إستراتيجية مجارية او معالجة فعالة بوضع البدائل ؟؟

فالجواب سيقودنا حتماً للتاريخ عبر الوقوف على مفهوم العولمة الأساسي :

1- الدمج التجاري الذي واكب عصر الإستكشافات الجغرافية عبر محاور /أسبانيا / البرتغال / هولندا من خلال إلحاق العالم الزراعي الضعيف بالعالم الرأسمالي .

2- إلحاق العالم بالإمبراطوريات الصناعية / بريطانيا – فرنسا .

3- مرحلة القطب الواحد تمثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية .

وهذا كله يعطي جواباً تاريخياً وصورة طبق الأصل لما يحدث اليوم من دمج للعالم بدولة الأمومة .

إن التكوين القومي العربي لم يكن أبداً حركة ديناميكية عابرة زمانياً

 بل هو توحيد حقيقي للزمان والمكان العربيين ، فهذا التكوين هو ثمرة إندماج المكونات من رابطة الدم / اللغة الواحدة / الأرض الواحدة / التاريخ / الثقافة الواحدة / المصالح والآمال المشتركة / وبمحور جوهري من خلال التشريف الرباني للعرب بحمل رسالة الإسلام الموحد للعرب وهنا لا نريد الفهم الخاطئ لقولنا برفض العولمة بالمطلق بل هو لمشروع العولمة

 (( هيمنة ، تزوير ، إندماج تحت مفهوم الإستقالة القومية عبر الاندماج غير الشرعي في مشروع العولمة ))

ودونما بخس العرب لمقدراتهم على المجابهة والمواجهة إن توفرت الإرادة الصادقة والاصطفاف الواحد في هذه المواجهة .

فعالمنا العربي قد عرف الإندماج والإلحاق تاريخياً

 واليوم يعود بلباس الحداثة عبر سرف الدبابات الغازية للاوطان كما حدث للعراق إحتلالاً ،

او بالضغط والابتزاز او بتغير الأنظمة السياسية عبر من يتطوع نيابة او توكيلاً بلباس الديمقراطية ((وفريًة)) حقوق الإنسان من خلال النخب المؤهلة في مواخير المخابرات لتكون طلائع للتغيير والمنادية بالديمقراطية وحقوق الإنسان نيابة عن (العم سام ) وما الحرب العدوانية على قطاع غزة لكاشف عن ازدواجية المعايير الاخلاقية والقانونية وجرائم الإبادة الجماعية للعرب الفلسطينيين أظهرت للعالم معدن من ينادي بحقوق الانسان وكذب ديمقراطيتهم وتمسكهم بالقانون الدولي

كما إن التصدي للعولمة ومشاريع الهيمنة يراد لها وبها الفهم العميق في النماذج المنشاة للهيمنة وآلياتها كي تكون المواجهة بذات السلاح تحصيناً فتفشي ظاهرة الإستهلاك بأنماطه المتعددة ، ونمطية الثقافة الواطئة المحركة للغرائز وخلق الميول الإباحية المتوالدة في الحياة العربية إستهلاكاً وسلوكاً ومن خلال تعميم النموذج الأمريكي في الحياة وإنجرار ذلك الى الثقافة

بمعنى تحويل الثقافة الى سلعة خاضعة للعرض والطلب وحركة رأس المال عبر دورات الإنتاج الواسع المعد للإستهلاك السريع المستنزف للمداخيل عبر التهافت عليه واقتناءً لكل ما هو جديد .

إنّ تحويل الثقافة الى سلعة هو التهديد للهوية بل والوجود القومي سواءً كان للعرب أم لغيرهم من الأمم عبر مراحل التهديد التأريخية او الحاضرة والمستقبلية ، وإندراج ذلك من خلال مصطلحات صراع الثقافات ،وحوارها ،وتفاعلها ، في ظل تسيّد قطبي أحادي يسعى لإستلاب ثقافي طبيعي للثقافات العالمية او نموذجاً مستساغاً عالمياً للحياة ماهو إلا إسفار عن وجه الهيمنة الأمريكية وأحداث تغيرات وتبدلات جيوستراتيجية عالمية تقود بالتالي الى تأسيس الأمركة العالمية من خلال ما يطلق عليه بالقرن الأمريكي المتسيد عالمياً عسكرياً – سياسياً – اقتصادياً – ثقافياً ومجابهة لكل ذلك لا يمكن أن يتم دفعة واحدة بل عبر إسقاط المشاريع واحدة تلو أخرى بوجود إستراتيجية فاعلة متفاعلة للمجابهة

 تبدأ أولاً بالثقافة من خلال إستراتيجية فاعلة للثقافة القومية – التربوية التعليمية وتحصيناتها القومية إرتكازاً على ثوابتها وفلسفتها الفكرية إسناداً ومساعدة في إنضاج تحصيناً قويّاً للأجيال بأهدافها السلوكية والإستراتيجية( قصيرة المدى او البعيدة )

وهذا بذاته سيقطع أولاً أي اختراقات لمنتجات الثقافة الوافدة او الهدّامة فالثقافة القومية تعطي للمعنى القومي تمييزاً او خصوصية لا يمكن إختراقها وهذا لا يعني التحجر الثقافي القومي ، فالتلاقح الثقافي الايجابي لابد له من التفاعل دونما إلغاء للخصوصية الثقافية القومية نمطاً متميزاً بخصوصية الانتماء التاريخي .وما التصارعات الفعلية الواعية او غير الواعية هي جزء من هذه الخصوصية سواءًكانت لغوية او ثقافية لهذه القومية او تلك في مضمار التفاعل إبداعاً او نشاطاً ثقافياً ينعكس في مجالات متعددة : الدينية – اللغوية – الأدبية – الفنية – الأخلاقية .

فثقافة السيد المسيطر والمتسيد الثقافي لا يمكن لها الإستمرار او الديمومة لإفتقارها الى منظومات قيميّة ( أخلاقية – الدينية – السياسية) الملامسة لحواف النزوع الإنساني عدالة وسماحة ومساواة عبر تسلسلات منطقية للعقل والنفس البشرية في إتساع فضائهاالاختياري بحرية كاملة .

فثقافة المسيطر لم تكن أبدأ معمرة ومن الصعوبة لها أن تكون ثابتة او نهائية وعالمنا العربي قد خاض تجارب زرع وفرض ثقافات المستعمر لكنها إنتهت بإنتهاء سيطرته والجزائر العربية مثالاً حيّاً لما ذهبنا اليه ، فصراع القوة ينتج سيطرة تاريخية محكومة بالزمن وبتغير هذه السيطرة تنفتح للثقافة القومية أبواب الانطلاق والبناء والتشكيل لثقافات فكم توالدت ثقافات من رحم الثقافة القومية المهزومة او المكبوتة او الممنوعة بحكم السيطرة فبذرة التحرر والانعتاق تنمو في المجتمعات المقهورة والمهزومة دائماً لتأكيد الاستقلال السياسي والثقافي بالخصوصية والهوية القومية . فالشعوب أبدأ لا يمكن لها أن تستنسخ إطلاقاً

إذ إنّ الثقافة هي المعبرة عن روح الشعوب وهمومها وتطلعاتها فهي ليست ترفاً فكرياً او حالة انفعالية مراهقة فهي وسيلة وغاية معاً ، والثقافة المبدعة والمتفاعلة مع الثقافات الأخرى هي الثقافة الملتزمة لهموم الوطن والأمة في عملية تغيير الواقع المتخلف المفروض على العرب والإنطلاق بالثقافة تجاوزاً لما هو كائن لما يجب أن يكون فالبعد الوظيفي والحيوي للثقافة هو احد إبعادها ، وأن التراكم الكمي والنوعي أحد محركات الثقافة الأساسية سواءً كان ذلك تفاعلاً مع الواقع المعاشي أو تكييفاً معه وتخطياً لهذا الواقع الى المستقبل . والثقافة هنا يجب أن تكون للجميع ، كون الثقافة شيء والمعرفة شيء آخر، وثقافة المستقبل يجب أن تكون بقيم وهوية العرب القومية الناهلة من موروثنا العربي الإسلامي مع حرية الفكر تلاحماً مع الثقافات عبر تلاقي الحضارات وحوارها الايجابي ذو النهايات السعيدة .نعم ثقافة قومية لواقع جديد وفضاء أكثر حرية بعيداً عن ثقافة الأزمات وأزمات الثقافة ويكون ذلك عبر سلطة ثقافة لا ثقافة السلطة التي يعاني القائمون فيها وعليها من جهل فاضح لتاريخ الآمة العربية وميراثها الحضاري فهم يعتمدون لثقافة لا صلة لها بهذا الموروث من خلال سعيهم الحثيث لشراء البعض من النخب المثقفة وأنصاف المتفقهين دينياً وترويضهم في مسارح السلطة او السعي لإسقاط نفوذ بعض المثقفين على الجماهير العربية ناهيك عن النخب المؤهلة سياسياً وثقافياً واعلامياً واكاديمياً في مراكز تفريخ القوى المعارضة عالمياً والسعي لتبريزهم إعلامياً كما هو مرسوم باستحقاقات مواسم ألأهلة وفق سيناريو التغيير لأنظمة الحكم أو الإصلاح برسم الهيمنة الأمريكية ، فنجد البيئة العربية ملوثة بالثقافة الواطئة والوافدة المستهدفة للهوية والوجود القومي العربي بأهدافها السلوكية والاستراتيجية بإستجلاب (( برامج اللهو والميوعه / الاستهلاك المثير للغرائز / تنمية الاتجاهات السلوكية الشاذة للشباب وابعادهم عن قيم وتعاليم الإسلام وأشغالهم باهتمامات منحرفة بالموضة والمواقع الإباحية عبر الفيس بوك وغيرها )) .

وهذا لا يخفي لعب الأدوار المستترة عبر منظومات العمل السياسي بكل ألإتجهات الهادفة للتجهيل للأجيال العربية بتعلم وتعليم اللغة العربية وثقافتها وآدابها كتابة وخطاً وهذا متجسداً على مستوى الاداء اللغوي إذ الأدبيات المكتوبة والمرئية والمسموعة تشكو من تدهور البناء اللغوي للعبارات السياسية نحواً وصرفاًويترادف ذلك مع استخدام اللهجات المحلية وتمكينها وهذا متأتي من جهل كامل بقواعد الكلام وروحية اللغة العربية وبمصاحبة مقصودة لتعطيل أجواء الحرية الفكرية والسياسية وتكريس الإرهاب الفكري وصعود متنامي للتعصب الديني الكهنوتي عبر شيوع الغيبيات والأساطير والتمسك بشكليات الشعائر وطقوسها والسعي لتكريسها وكأنها جوهر الدين الاسلامي الحنيف وما ظاهرة التشدد والغلو والتطرف والإلتصاق بالقشور دون الجوهر لدليل واضح بل ومعاش والتكفير باسم الدين لمن لا يتطابق معهم باختلاق الإحتراب بين الإسلام والقومية العربية وتحميل القومية العربية مسؤولية تردي أوضاع الأمة العربية ،

فالمشكلة التي تواجه الامة العربية هي بالانظمة السياسية الحاكمة بقطريتها وإرتهانها للهيمنة الأمريكية وجوداً وإطالة عمرها التكافلي بمهمته الوظيفية  إسقاطها لمشاريع هذه الهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية على الارض العربية بمدياتها فإذا بها حاضنة لها بل نائبة عن هذه الهيمنة برسم دفع تكاليف هذا الاسقاط على خارطة الوطن العربي .

إننا نرى وبتواضع لمواجهة ثقافة العولمة مايلي :

1- جلد الذات والاقرار بوجود قصور في بناء وانتاج المؤسسات السياسية والثقافية وتكوينات التنشئة الاجتماعية القومية

 والحق يقال إننا بحاجة للتشخيص العلمي الهادف للمشكلات والاعتراف الشجاع بمكامن الضعف والقصور ووضع الحلول لهذه المشكلات القائمة والمتوارثة الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية – الثقافية ، أي بناء صادق للذات القومية العربية نهلاً من الموروث الحضاري للأمةالعربية وروح الإسلام إستلهاماً للتاريخ الحضاري العربي وإستشرافاً للمستقبل بأدوات عربية صادقة .

2- عدم الإستسلام بهامشية الفعل القومي العربي ثقافياً وسياسياً أمام السيطرة الاجنبية

 ( العسكرية – الأقتصادية – الثقافية) ، فالتصور إقراراً بالهزيمة هو المدخل الاوسع للهزيمة النهائية في كل المجالات .

3- التعامل الواعي المستنير مع الواقع المعاش موضوعيا ًوصولاً لإيجاد آليات المقاومة والممانعة ،

بوضع الحلول الجديدة في هذه المواجهة التاريخية الإستثناء المراد لها آليات وجهود إستثناء بإزدواجية فهم الذات القومية العربية وإمكانياتها وفهم آليات وأهداف الهيمنة الاجنبية والتعاطي معها بآليات مضادة ومحصنة للذات القومية العربية وصولاً لحالة التوازن بين الفعل وردة الفعل ولو مرحلياً .

4- العمل الجاد والصاد لبناء إستراتيجية ثقافية ناهلة من الارث الحضاري العربي الإسلامي وفق معطيات الحاضر والمستقبل في ظل ثورة الاتصالات وحسن التوظيف الأمثل لها والتعاطي الإيجابي بما نحن عليه دون الخضوع أو الإستسلام .

ولكل ما تقدم فأن أول مقدمات وحدة الامة العربية

 هي الثقافة المشتركة وباشتراطية الوعي الجماعي على ما نحن فيه وعليه ومن هذا جاءت القومية العربية  مستلهمة لثقافة الامة العربية بموروثها الحضاري والديني فأغتنت  بمضامينها الاخلاقية والروحية بهذا الاستلهام الواعي لينعكس هذا كلاً لا يتجزأ على الفكر القومي العربي تاصيلاً على ضوء ثقافة العرب الدينية على أساس الإحاطة والإلمام بروح الاسلام الحنيف ،

فاحتكام القومية العربية ايجابياًلفهم واع لجدلية العلاقة بين الاصالة والحداثة وظهور الجدل بين الخصوصية والنقل – والصراع ضد الغزو الثقافي والدفاع الايجابي عن المورث العربي وإبرازه مع الحرية في التعبير والتفكير إبتداءً من حرية الكلمة كمقدمة أولى للديمقراطية .

وهذا مما اغنى الفكر القومي العربي الوحدوي روحاً بفهم فلسفيمما أدى إلى قطع حالةالأبتسار بين الدين والقومية إستنساخاً لحركة التنوير الاوربية دينياً وقومياً وكبح مقولات التيار الديني اليمني بضرورة انشطارية القومي والديني سعيّا لحركة تجديد معرفي بأسم الإسلام بشطب القومية من خلال التبشير بالأمة الإسلامية فهذا الابتسار لمعطيات حركة التنوير الأوربية إنعكس سلبياً بحالة الاغتراب الفكري والتأسيس على هامشية التكوين ما بعد الحرب العالمية الثانية وهذا هو بالتاكيد مرجعه للتفسير النقلي بمرجعية إن القران الكريم حمّال أوجه وسعياً لإقامة الأمة الإسلامية على أساس الفتوى ابتعاداً عن النص الجلي بحاكمية الاسلام وماتقاذفتها من تفسيرات بارتكازية جمال الدين الأفغاني وأبي الاعلى المودودي وأختلاق إحترابية بين القومية العربية والإسلام إفراغاً للقومية العربية من محتوى وروح الإسلام الذي وحد العرب وبهم إنتشر  عالمياً.

إننا اليوم بأمس الحاجة لحركة تنويرية قومية وحدوية ناهلة من الموروث الحضاري القومي العربي الاسلامي دونماً إبتسار لمعطيات ذلك .