العنوان صارخ من غير ادّعاء. ليس سطواً في واضحة النهار. إنّه ترسّمٌ للأطروحة الفكرية الثورية التي كتبها إبنُ رشد في تفصيل العلاقة بين الحكمة (العلم بكلّ تلاوينه) والشريعة (الدين وتخريجاته من فقه وعلوم كلام  وحديث،،،) من اتصال. أنا من جانبي لا أرى ضرورة لوجود رابط مفاهيمي لتجسير الهوّة بين الإثنيْن. لن أذهب للقول بضرورة قطيعة معرفية بين الإثنين؛ لكنّما هذه القطيعة واقعٌ نختبره ونميل لعقلانيته بسبب ما نراه من خطل وافتئات وعطالة فكرية عند التداخل بينهما.  هما ينتميان لفضاءات معرفية لا تتقاطع إلّا كيفياً؛ لكن برغم هذا فإنّ محاولة ابن رشد تُعدُّ عظيمة وبخاصة أنّنا نحكي عن عصور سالفة تعاظمت فيها قوى الشرّ والظلمة الفكرية التي لم يسلمْ منها ابن رشد نفسه الذي لم تتشفّع له محاولته التوفيقية المهيبة. 

   يعجبني ترسّمُ خطى ابن رشد مع فارق نوعي شاخص: سأضع (المترجم البشري) محلّ (الشريعة) في أطروحته، وسأضعُ (المترجم الآلي المدعوم بالذكاء الإصطناعي) محلّ (الحكمة) فيها. سنسائلُ الوضع الترجمي الحالي أو المتوقّع بعد زمن قصير: هل هو خيانة؟ ربّما اخترتُ عبارة (فصْلُ المقال) في العنوان لكي تتصادى مع الصيغة الأصلية لأطروحة إبن رشد؛ وبغير هذا التسويغ لم أكنْ لأجرؤ على الزعم بأنّ مقالتي هذه تنتمي لفئة (فصل المقال) من المقالات. هي مساءلة ومكاشفة ومُدارَسَة وتنقيب في نصوص ترجمية عملتُ عليها وطاب لي فيها ملاعبةُ الذكاء الإصطناعي مشاكسة ورغبة في كشف النقاب عن مدى تمرّسه واحترافيّته وبُعْدِهِ عن الوقوع في فخّ السياقات الترجمية المباشرة والساذجة. الشرط الأساس والجوهري لمقاربة موضوع الترجمة الآلية هو الإبتعاد عن القناعات المسبّقة، والإرتكانُ إلى الترجمات المرئية الشاخصة على لوحات الحواسيب لمواقع ترجمية عدّة تتفاوت في مناسيبها من الرصانة؛ لكنّها تتشارك التطوّر المتسارع والحرفنة المثيرة للدهشة.