كتابُ الكون وكتابُ الحياة عن التنويعات اللانهائية في الأشكال الوجودية

جوني ثومسُن*
ترجمة: فلاح حكمت إسحق
الأفكار الأساسية: Key Takeaways
– يسائلُنا (خورخي لويس بورخس) في قصّته الأشهر(مكتبة بابل The Library of Babel) أن نتخيّل كلّ الكتب التي يمكنُ كتابتها مستعينين بتوليفة عشوائية من خمسة وعشرين حرفاً.
– في مقاربة نظيرة للمقاربة البورخسية، يجادلُ الفيلسوف والعالم الإدراكي دانييل دينيت Daniel Dennett أنّ التكوين الجيني لكلّ أشكال الحياة، وبشكل من الأشكال الممكنة، هو مماثلٌ لما يمكنُ أن يحصل في المكتبة البورخسية اللانهائية مع فارق أنّ التنويع الجيني أكثر إقتصاداً لأنّه يقتصرُ على أربعة حروف فقط.
– تاريخ الكون هو محضُ إمكانية واحدة لرواية قصّة وجودنا البشري. إنّ الكثير من تنويعات واقعنا هي -ببساطة- كيفية arbitrary، وكان يمكنُ أن تحصل بأشكال لانهائية.
تخيّلْ كلّ الحيوات التي لم تعشْها. تخيّلْ حياةً لم تلتقِ فيها أبداً بشريكك الحالي في الحياة، ولم يكن لك فيها أخوة كما هو حالك اليوم، وحيثُ نقشتَ فيها وشماً على جسدك رغم أنّك تمقت الوشوم ولم تفكّرْ بها أبداً. تخيّلْ أنّ واقعة رهيبة حصلت لك في حياتك وكأنّها لم تحصلْ، أو تخيّل الحالة المعاكسة: حَدَثٌ أعظمُ وقعاً من كلّ ما تتخيل حصل معك، وهو ممّا لم تتوقّعه في أتعس كوابيسك. هل تخيّلتَ هذا يوماً؟ هل تفكّرتَ طويلاً بأنّ كتاب حياتك كان ممكناً كتابتُهُ بعدد لانهائي من النسخ، كلّ نسخة منها تختلف جوهرياً أو قليلاً عن سواها من النسخ. عندما نتأمّلُ حثيثاً في ذلك المسار الضيّق، المحدّد، الذي مضت فيه وصارت عليه حياتنا الآن، والذي بدا لنا غير ممكن في سنوات بواكيرنا الأولى فقد تلفّنا حيرةٌ عقليةٌ مديدة ومربكة. هذه إحدى الأفكار، واحدةٌ من الأفكار الكثيرة فحسب، التي نخرجُ بها كحصيلة مدهشة لقراءتنا قصّة بورخس القصيرة (مكتبة بابل)- تلك القصة التي لم تزل لها أمكانيةُ مدّنا بروابط مثيرة مع العالم في أيامنا هذه. هذه القصة تدفعنا للتفكير بأنّ حياتنا محضُ نسخة واحدة لحياة عشناها بين نسخ لانهائية من حيوات ممكنة لم نعشها.
