قراءة في النشأة والتحولات

أسامة غالي

يُعد التصوّف تجربةً مفارقةً في الثقافةِ الإسلاميّة، وقد شكّلَ حضوراً واسعاً في الثقافات العالميّة، لاسيما مع انبعاث الدراسات الاستشراقيّة التي عُنيت بالتصوّفِ عنايةً بالغةً، تحقيقاً وترجمةً ودراسةً، وكان يدفع بالباحثين إلى متابعةِ الصلة بالخطابات الدينيّة والمعرفيّة المجاورة، والكشفِ عن مدى التأثر والتأثير، من ثمَّ معاينة التماثل والتمايز.

ولقد أثارَ التصوّف، ومن زمنٍ مبكرٍ، مشكلات عدّة: منها ما يتصلُ بحمولاته الرؤيويّة والفكريّة التي تجاوزت السائد والقار في الثقافة الإسلاميّة. ومنها ما يتصلُ بمرجعياته المعرفيّة، وصلاته بحاضنات أخرى كاليونانيّة، والهنديّة والفارسيّة القدمتين. ومن المشكلات أيضاً ما يتصل بلغته الرامزة والمشفرة، وكانت هذه المشكلات تستفز، ثم تحرض الآخر ـ غير الصوفيّ ـ على المتابعةِ والاستجابة، سواء أكانت الاستجابة تفاعلية أم نقدية.